الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

                                            التجاني يوسف بشير


                                            انشودة الجن



قم يا طرير الشباب غنِِ ِ لـنا غنِِ ِ


يا حلو يا مستطاب أنشــودة الجن


وأقطف لى الأعناب وأمـلأ بها دنى


من عبقري الرباب أو حرمِ ِ الفن ِ


صِح فى الرُبى والوهاد واسترقص البيدا


وأسكب على كل نـاد ما يسحر الغيدا


وفـجر الاعـواد رجعـاً وترديدا


حتى ترى فى البلاد من فرحةٍ عيدا


وامسح على زرياب واطمس على معبد


وأمش ِ على الاحقاب وطُف على المربد


وأغشى كنار الغاب فى هدأة المرقد


وحدث الأعراب عن روعة المشهد


صور على الأعصاب وأرسم على حسي


جمـالك الهياب من روعة الجرس ِ


واستدنِ ِ باباً باب وأقعـد على نفسي


حتى يجف الشراب فى حافةِ الكأس






التجاني يوسف بشير قصيدة المعهد العلمي



التجاني يوسف بشير

المعهد العلمي




السحر فيكَ وَفيكَ مِـن أَسبابـه دَعـة المـدل بِعَبقـري شَبابـه
يا مَعهدي وَمَحط عَهد صِباي مِن دار تَطرُق عَـن شَبـاب نابـه
قسم البَقاء إِلَيـكَ فـي أَقـداره مَن شادَ مَجدك في قَديـم كِتابـه
وَأَفاضَ فيكَ مِن الهَـدي آياتـه وَمِن الهَوى وَالسحر ملء نِصابه
اليَوم يَدفَعُنـي الحَنيـن فَأَنثنـى وَلهان مُضطَرِبـا إِلـى أَعتابِـهِ
سَبق الهَوى عَيني في مِضمـاره وَجَرى وَأَجفَل خاطِري مِن بابة
وَدَعت غَض صِباي تَحتَ ظِلاله وَدَفنت بيض سني في مِحرابـه
وَلَقيت مِن عنت الزيود مَشاكِـلاً وَبَكيت مِن عمرو وَمِن أَعرابـه
نَضرت فَجرسنـي مِـن أَندائِـهِ وَاِشتَرَت ملء يَديء مِن أَعنابِـهِ
رَفع الشَباب إِلَيكَ مِـن أَقلامِـهِ عَمـدا مركـزة عَلـى آدابِــهِ
وَتَسابَقوا لِلمَجـد فيـكَ وَكُلنـا علق بِحَق المَجـد مِـن طُلابـه
حَتّى يَكون المَجد وَهُوَ مصـوح في الأَرض مُنقَلب عَلى أَعقابـه
صُوراً مُوَثَقة العَرى في ناشيء حدث مُصورة عَلـى أَعصابِـهِ
وَالمَجد أَجدَر بِالشَبـاب وَأَنمـا لِلناس موجـدة عَلـى أَصحابـه
هُوَ مَعهَدي وَلَئن حَفظت صَنيعه فَأَنا اِبن سرحته الَّذي غَنـى بِـهِ
فَأَعيذ ناشئة التُقـى أَن يرجفـوا بِفَتى يَمت إِلَيـهِ فـي احسابـه
ما زِلت أَكبَر في الشَباب وَأَغتَدي وَأَروح بَينَ بخ وَيا مَرحى بِـهِ
حَتّى رَميت وَلَستُ أَول كَوكَـب نَفس الزَمان عَلَيهِ فَضل شِهابـه
قالوا وَارجفت النُفوس وَأَوجفـت هَلَعاً وَهاجَ وَماجَ قُسـور غابـه
كفر اِبن يوسف مِن شَقي وَأَعتَدي وَبَغى وَلَسـتُ بِعابـئ أَو آبـه
قالو احرقُوه بل اصلبوه بل انسفو للريح ناجس عظمه وإهابه
وَلَو ان فَوق المَوت مِن مُتلمـس لِلمَرء مـد إِلَـي مِـن أَسبابـه



السبت، 19 ديسمبر 2009

ادريس جماع

في ربيع الحب

فى ربيع الحب كنا نتساقى ونغنى
نتناجى ونناجى الطير من غصن لغصن
ثم ضاع الأمس منى
وانطوى بالقلب حسرة

اننا طيفان فى حلم سماوى سرينا
واعتصرنا نشوة العمر ولكن ما ارتوينا
انه الحب فلا تسأل ولا تعتب علينا
كانت الجنة مأوانا فضاعت من يدينا
ثم ضاع الامس منى
وانطوى بالقلب حسرة
أطلقت روحى من الأشجان ما كان سجينا
أنا ذوبت فؤادى لك لحنا وأنينا
فارحم العود اذا غنوا به لحنا حزينا
ثم ضاع الامس منى
وانطوى بالقلب حسرة
ليس لى غير إبتساماتك من زاد وخمر
بسمة منك تشع النور فى ظلمات دهرى
وتعيد الماء والأزهار فى صحراء عمرى
ثم ضاع الامس منى
وانطوى بالقلب حسرة

ادريس جماع وحشة الليل

ماله ايقظ الشجون فقاســــت *** وحشة الليل واستثار الخيالا
ماله فى مواكب الليل يمشى *** ويناجى اشباحه والظـــــلالا

هين تســتخفه بسمة الطفل *** قــــوي يصـــــارع الاجــــــيالا
حاسر الرأس عند كل جـمال ***مستشف من كل شئ جمالا
ماجن حطم القيود وصـــوفى *** قضى العمر نشــــــوة وابتهالا

خلقت طينة الأسى وغشتها *** نار وجد فاصبحت صـــلصـــالا
ثم صاح القضاء كونى فكــانت *** طينة البؤس شاعراً مثــــــالا
يتغنى مع الريــــــــاح اذاغنت *** فيشجى خمـــيله والتـــــلالا
صاغ من كل ربوة منبراً يسكب*** فى سمعه الشجون الطـوالا
هو طفل شاد الرمال قصــــورا *** هى آمـــاله ودك الـرمــــــالا
كالعود ينفح العطـــــــر للناس *** ويفنـــــى تحــرقاً واشــــتعالا

ملاحن فيها الهوى والألم

ملاحن فيها الهوى والألم
الشاعر محمد المهدي المجذوب





ملاحن فيها الهوى ii والألم







وداعـاً هـزار الـربى والأكم

أريـش الـجناح وسـيق القدم

يـطوف بـالقلب شتى المنازع

هــذا يـطول وهـذا اقـتحم

وذكـرى تـجيء وأخـرى تمر

ولـيـل تـقضى وفـجر ألـم

أمـسترجع أنـا بـعد الـشباب

سـني الـصبا وأدكـار الـذمم

أفـضت من الحجر فيمن أفاض

وزايـلت مـهدي فـيمن بـرم

أرواح فــي صـبية وادعـين

سـواسـية كـضـغار الـنعم

وأغـدو عـلى البكر المشرقات

الـيك وفـي الـحالك الـمدلهم

بـجانحة الـفجر فـوق الوهاد

وغـاربة الـشمس بـين القمم

يـصعد بـي خافق في الفضاء

يـسوق الـصبا ويـقود الهرم

جـنـاحاه يـخترقان الـوجود

وعـيـناه تـقـتنصان الـعدم

عـلى مـتن هـافية الـصباح

مـسومة مـا بـها مـن سـأم

رخـاء كـمثل انـحدار النعيم

عـلى وجـنتي رخـوة المستلم

على من مقرب من سريع الخيال

وخـاطرة مـن بـهيج الـنعم

وسـابـحة مـن بـنات الأوز

ورفـاقـه مـن بـنات الـرخم

وطـلق مـن الفكر حر يطيف

بـدنـيا الـفنون ودنـيا الـنغم

يـطير الـى الدهر بي والقرون

ويـوغل بـي فـي زوايا (أرم)

وفـي الـفكر مـركبة للنفوس

وفـي الأرض مـدرجة لـلقدم

الـى (نـدوة) كـمطيف الرجاء

! مـنـضرة كـبـليغ الـكـلم

الـى (مـجلس) نـطف بالدعاء

تـصان الـحقوق بـه والحرم

الـى (مـعهد) أنـت يمنى يديه

قـدامـاه انـت قـسا أو رحـم

تـطـير بـه صـعداً لـلسماء

لـنـبع بـهـا دافـق بـالحكم

لـينهل مـن نـبعها المستفيض

هــدى أمـمـاً ويـقيناً أمـم

تـدفـعه فـي سـبيل الـخلود

وتـقحمه فـي مـجال الـعظم

درجـت بـكفيك حتى انفردت

أنـاصـب دهـرى حـمداً وذم

وهـا أنـا فـي سروات الشاب

عـلى جـانح مـستشيط أحـم

أطـل عـلى فـائت في صباي

فـالـمح بـارقـة مـن شـمم

أرى لـك بـين الصبا المسترد

مــآثـر خـفـاقة كـالـعلم

وألـمح فـجراً مـن الذكريات

يـبـدد مــن جـانبيه الـظلم

((حـسين)) انـاتك ان تستخف

وريـث فـؤادك ان يـضطرم

نـزعت مـع الـفكر حر الفؤاد

الـى غـاية فـى ضمير العدم

مـنازع ذي مذاهب في الوجود

خـطير وذي شـرعة في القلم

! أراك تـفـكر..ماذا لـديـك

لـعلك تـمخر فـي كـل يـم

يـطل بعينيك جو يشيع اللجاج

بـــه ويـشـيـع الـقـتـم

أراك تـفـكـر..ماذا لـديـك؟

أرى عـثيراً فـي الفضاء استلم

أرى ثـــورة وأرى أنـفـساً

ظــمـاء iiكـآمـالـها..تحتدم

عـلى عـارضيك خيال المظفر

فــي بـأسه ووقـارالـحكم

وفـي نـاظريك سـهوم المفكر

آونــة.. وســؤال الأصـم

تـحاول فـي الكون مجد الغزاة

وكـم ذا تـحاول مـجداً وكـم

وتـحـلم بـالملك..بالطموح..

ويــا لـلسمو.. ويـا لـلشمم

وتـرمي بـنفسك بين الهواجس

فـي زاخـر لـلأماني خـضم

اذا ارتـطمت مـوجة بـالحياة

رمـيت بـنفسك في المصطدم

*

ومـا تـلك في جنبات الطريق

قـذفت بـها كـانفجار الـحمم

وألـهبتها ثـورة فـي الـبلاد

عـلى جـانبيها يـشب الضرم

تـأكـل أغـرارها الـواهمين

وتـسحق مـن كبرياء((العمم))

تـنظر نـواجمها فـي الطباع

وعـقى نـتائجها فـي الـشيم

كـأنى بـمصر وقـد لامـست

يــداك مـقـطمها والـهـرم

تـمد يـداً مـن وراء الـحياة

وأذرعــة مـن وراء الـرجم

تـعـانق فـيـك الـعـبقرى

وتـكبر رمـز الـشباب الـقدم

ومـا مـصر لوا عوادى الحياة

بـمـجدبة مـن دعـاة الـكرم

ولـما اعـتزمت لمصر الذهاب

وآن لــرأيـك ان يـنـحزم

جـنحت الى مزهري فانتزعت

مـلاحن فـيها الـهوى والألـم

شــددت بـكـفيك اوتـارها

وأوعـت فـيها شـجيّ الـنغم

المولد

الشاعر محمد المهدي المجذوب



المولد



صل يا رب على المدثر

وتجاوز عن ذنوبي

وأعني يا إلهي

بمتاب أكبر

فزماني ولع بالمنكر

***

درج الناس على غير الهدى

وتعادوا شهوات

وتمادوا

لا يبالون وقد عاشوا الردى

جنحوا للسلم أم ضاعوا سدى

***

أيكون الخير في الشر انطوى

والقوى

خرجت من ذرة

هي حبلى بالعدم؟!

أتراها تقتل الحرب وتنجو بالسلم

ويكون الضعف كالقوة حقا وذماما

سوف ترعاه الامم

وتعود الأرض حبا وابتساماً

***

رب سبحانك مختاراً قديراً

أنت هيأت القدر

ثم أرسلت نذيرا... للبشر

آية منك ونورا

***

هو عين الله لولا ضوؤه

لم نر العالم في شتى الصور

جعل الموت رجاء.. وبقاء

وغراساً منه لا يفنى الثمر

***

صل يا رب على خير البشر

الذي أسرج في ليل حراء

قمراً أزهر من بدر السماء

يقرأ الناس على أضوائه

حكمة الخلق وأسرار البقاء

.....من إله قد هدى بالقلم

علم الإنسان ما لم يعلم

***

صل يا رب على المدثر

وتجاوز عن ذنوبي واغفر

وأعني يا إلهي بمتاب أكبر

ليلة المولد يا سر الليالي

والجمال

وربيعاً فتن الأنفس بالسحر الحلال

موطني المسلم في ظلك مشبوب الخيال

طاف بالصاري الذي أثمر عنقود سنى

كالثريا

ونضا عن فتنة الحسن الحجابا

ومضى يخرجه زيّاً فزيّا

***

وزها (ميدان عبد المنعم)

ذلك المحسن حياه الغمام

بجموع تلتقي في موسم

والخيام

قد تبرجن وأعلن الهيام

***

وهنا حلقة شيخ يرجحن

يضرب النوبة ضربا فتئن

وترن

ثم ترفضّ هديراً أو تجن

وحواليها طبول صارخات في الغبار

حولها الحلقة ماجت في مدار

نقزت ملء الليالي

تحت رايات طوال

كسفين ذي سوار

في عباب كالجبال

***

وتدانت أنفس القوم عناقاً واصطفاقاً

وتساقوا نشوة طابت مذاقاً

ومكان الأرجل الولهى طيور

في الجلابيب تثور.. وتدور

تتهاوى في شراك

ثم تستنفر جرحي وتلوب

في الشباك

مثلما شب لهيب

***

وعلا فوق صدى الطبل الكرير

كل جسم، جدول فيه خرير

ومشى في حلقة الذكر فتور

لحظة يذهل فيها الجسم والروح تنير

وعيون الشيخ أُغمضن على كون به حلم كبير

***

والمقدم

يتغنى يرفع الصوت عليا

وتقدم

يقرع الطبل الحميا

ورم الذكر وزمزم







واستقامت حلقته وانحنت حين انحنى

وهوت والطبل نار تتضرم

وتصدى ولد الشيخ وترجم

حيث للقطب حضور

وتداعَى وتهدم

***

وينادي منشد شيخاً هو التمساح

يحمي عرشه المضفور من موج الدميرة

ندبوه للملمات الخطيرة

شاعر أوحى له شيخ الطريقة

زاهد قد جعل الزهد غِنى

فله من رقع الجبة ألوانا حديقة

والعصا في غربة الدنيا رفيقة

وله من سبحة اللالوب عقد

ومن الحيران جند

وله طاقية ذات قرون

نهضت فوق جبين

واسع رققه ضوء اليقين

***

وفتى في حلبة الطار تثنى

وتأنَّى

وبيمناه عصاه تتحنَّى

لعبا حركه المداح غنَّى..

رجع الشوق وحنَّا

وحواليه المحبون يشيلون صلاة وسلاما

ويذوبون هياماً

ويهزون العصيا

ويصيحون به أبشر لقد نلت المراما

***

صل يا رب على المدثر

وأعني وانصر

بشفيع الناس يوم المحشر

الذي يسقي صفاء الكوثر

***

وهنا في الجانب الآخر أضواء رقاق

نشرت قوس قزح

من رجاء وفرح

من ربيع في دجى الليل يراق

ونساق

أنفس شتى وبطء واستباق

***

وفتاة لونها الأسمر من ظل الحجاب

تتهادى في شباب وارتياب

قد تحييك وتدعوك بأطراف الثياب

وهي قيد وانطلاق

واضطراب واتساق

إن نأت عنا وأخفتها الديار

فعروس المولد الحلوة جلاها التجار

لبست ألوانها شتى أميره

ما أحيلاها صغيره

وقفت في كرنفال

فوق عرش دونه الحلوى كنوز ولآلي

من أساطير الخيال

***

وهي إن تصمت ففي أعينها الوسن انتظار

حولها الأطفال داروا

بعيون تلمع الألوان فيها وتذيع

وبها من بهجة رفت دموع

***

لهفتا كم عصف البؤس بأطفال صغار

وردوا المولد بالشوق وعادوا بالغبار

ويح أم حسبوها

لو أرادوا النجم جاءت بالدراري

ويحها تحمل سهد الليل في صحو النهار

***

رب أرسلت يتيماً

قام بالحق رحيماً

قد ذكرناه فهل نذكر من أمسى عديماً

وهنا في الجانب الآخر سوق

هو سوق (الزلعة)

وبه طبل وبوق

من صراخ الرغبة

حفلت دولته في (حلة)

سلبت كل العيون

والظنون

كيف لا يا لذة الليل ويا أم الفتون

ربها قلّب عينيه خطيباً في الجماهير الغفيرة

مرسلاً من ناره ريح شواء

تتهادى في الفضاء

بنداء لم يجد فينا عصيا

ودعانا .. ثم حيّا .. وتهيّاً

***

وحواليه الكوانين الوقوره

ولها من داخن الفحم ذريره

وحريره، وضفيرة

ترشق (الأسياخ) فيها

نظمت باللحم نظماً

وارتوت دهناً وشحماً

***

ودخلنا مطبخاً زاط ولا قصر الإماره

ربه البادن عراف اتته كل حاره

وتعيشنا وأحسسنا أمانا

وشربنا وارتوينا

ومشينا، وشعرنا بنعاس في خطانا

وسلام هو لو دام لأحمدنا الزمانا

ومضى الليل وناداني سريري والمنام

فتركت المولد الساهر خلفي والزحام

من نفوس رجت الري ولم يهمل غمام

فهي ظمأى في القتام

***

وبسمعي الطبل دوّى من بعيد

كوليد.. في دجى الليل وحيد

***

وبقايا من نشيد

عبرت سمعي طيرا

في ظلام بشر الآفاق بالصبح الجديد والوعود

***

ربِّ في موطني المسلم قد عدنا إليكا

ما اعتمدنا ربنا إلا عليكا

وذكرنا الهادي المختار ذكرى

ملأت أرواحنا طُهراً وصبرا

***

صل ياربّ عليه

وتجاوز عن ذنوبي واغفر

وأعني بمتاب أكبر

ذكريات

محمد سعيد العباسي

أقصرتُ مذ عاد الزمانُ فأقْصَرا وغفرتُ لما جاءني مُستغفِرا
ما كنتُ أرضى يا زمانُ لَوَ انني لم ألقَ منكَ الضاحكَ المستبشرا
يا مرحباً قد حقّق اللهُ المنى فعلَيَّ إذ بُلّغْتُها أن أشكرا
يا حبّذا وادٍ نزلتُ، وحبذا إبداعُ من ذرأ الوجودَ ومن برا
مِصْرٌ، وما مصرٌ سوى الشمسِ التي بهرتْ بثاقب نورِها كلَّ الورى
ولقد سعيتُ لها فكنتُ كأنما أسعى لطيبةَ(1) أو إلى أُمِّ القُرى(2)
وبقيتُ مأخوذاً وقيّدَ ناظري هذا الجمالُ تَلفُّتاً وتَحيُّرا
****

فارقتُها والشَّعرُ في لون الدجى واليومَ عدتُ به صباحاً مُسْفِرا
سبعون قَصّرتِ الخُطا فتركنَني أمشي الهُوينى ظالعاً مُتَعثِّرا
من بعد أنْ كنتُ الذي يطأ الثرى زهواً ويستهوي الحسانَ تَبختُرا
فلقيتُ من أهلي جحاجحَ أكرموا نُزُلي وأولوني الجميلَ مُكرَّرا
وصحابةً بَكَروا إليَّ وكلُّهم خَطَب العُلا بالمكرمات مُبَكِّرا
يا من وجدتُ بحيّهم ما أشتهي هل من شبابٍ لي يُباع فيُشترى؟
ولَوَ انّهم ملكوا لما بخلوا بهِ ولأرجعوني والزمانَ القهقرى
لأظلَّ أرفل في نعيمٍ فاتني زمنَ الشبابِ وفِتُّه مُتحسِّرا
ووقفتُ فيها يومَ ذاك بمعهدٍ كم من يدٍ عندي له لن تُكْفَرا
دارٌ درجتُ على ثراها يافعاً ولبستُ من بُرْد الشبابِ الأنضرا
****

يا دارُ أين بنوكِ إخواني الأُلى رفعوا لواءكِ دارعين وحُسَّرا ؟
زانوا الكتائبَ فاتحين وبعضُهم بالسيف ما قنعوا فزانوا المنبرا
سبحان من لو شاء أعطاني كما أعطاهمو وأحلّني هذي الذرى
لأُريهم وأُري الزمانَ اليومَ ما شأني فكلُّ الصَّيْدِ في جوف الفَرا
إني لأذكرهم فيُضنيني الأسى ومن الحبيب إليَّ أنْ أتذكّرا
لم أنسَ أيامي بهم وقَدِ انقضتْ وكأنّها واللهِ أحلامُ الكرى
****

كذب الذي ظنّ الظنونَ فزفّها للناس عن مصرٍ حديثاً يُفترى
والناسُ فيكِ اثنان شخصٌ قد رأى حُسْناً فهام به، وآخرُ لا يرى
والسرُّ عند اللهِ جلّ جلالهُ سَوّى به الأعمى وسَوّى الـمُبصِرا
يا من رعيتُ ودادَه وعددتُهُ درعاً - إذا جار الزمانُ - ومِغْفَرا
اسمعْ نصيحةَ صادقٍ ما غيّرتْ منه الخطوبُ هوىً ولن يتغيّرا
لم آتِ أجهلُ فضلَ رأيكَ والحِجى لكنْ أتيتُكَ مُشفِقاً ومُذَكِّرا
والنصحُ من شيمِ الصديقِ فإن ونى عَدُّوه في شرع الودادِ مُقصِّرا
عمري كتابٌ والزمانُ كقارئٍ أبلى الصحائفَ منه إلا أَسْطُرا
فعلمتُ منه فوق ما أنا عالمٌ ورأيتُ من أحداثه ما لا يُرى
****

قل لي: فديتُكَ ما الذي ترجوه من تاجٍ وقد أُلْبِسْتَ تاجاً أزهرا
وورثتَ في ما قد ورثتَ شمائلاً كانت أرقَّ من النسيم إذا سرى
أما السماحُ فلا يساجلكَ امرؤٌ فيه ملكتَ جماعةً مُستأثِرا
فاربأْ بنفسكَ أن تكون مطيّةً للخادعين وللسياسة مَعْبرا
وحذارِ من رُسل القطيعةِ إنهم رهطٌ قد انتظموا ببابكَ عسكرا
ما ساقهم حبٌّ إليكَ وإنما حُشِروا وجِيء بهم لأمر دُبِّرا
ولأنْ تبيتَ على الطوى وتظلّهُ وتضمّ شملَ المسلمين وتُنْصَرا
خيرٌ، ففي التاريخ إن قلّبتَهُ عظةٌ لذي نظرٍ وَعى وتَدبّرا
****

انظرْ إلى الملك «الحُسين»(1) وإنه من عترةٍ هي خيرُ من وطىء الثرى
منحوه تاجاً ثم لم يرضَوْا به ذهباً فصاغوه لديه جوهرا
عجموه فاستعصى فلمّا استيأسوا نزعوه عن فَوْديه نَزْعاً مُنكَرا
ويحٌ لهذا الشرقِ نام بنوه عن طلبِ العلا وتأخّروا فتأَخّرا
ظنّوا السعادةَ وَهْيَ أسمى غايةٍ قَصْراً يُشاد وبزّةً أو مَظهرا
قادتهمُ الأطماعُ حتى أشْبهوا كبشَ الفِدا والجزلَ من نار القِرى
والجمرُ إن أخفى الرمادُ أُوارَهُ شقيتْ به كفُّ الصبيِّ وما درى
واللهُ أحمدُ حين أبرزَ للورى من غيبه ما كان سِرّاً مُضمَرا
****

الجمعة، 18 ديسمبر 2009

حديقة العشاق (كســـلا) توفيـق صـالح جبريل

نضّر اللهُ وجهَ ذاك الساقي
إنه بالرحيق حلَّ وثاقي
فتراءى الجمالُ مُزدوجَ الإشراق
يَسبي مُعدّدَ الآفاق
كان صبحاً طلقَ المحيّا نديّاً
إذ حلَلْنا حديقةَ العشّاق
نغمُ الساقياتِ حرّك أَشْجَاني
وهاج الأسى أنينُ السواقي
بين صبٍّ في حبّه متلاشٍ
ومُحِبٍّ مستغرقٍ في عناق
وتلاقتْ في حلبة الرقصِ أيدٍ
وخدودٌ والتفّ ساقٌ بساق
فظللنا والظلُّ والطلُّ هامٍ
في انسجام وبهجة واتّساق
وفتاةٌ تختال تختار كَرْماً
وغريرٌ لمخدعٍ مُنْساق
والغواني الحسانُ بين يدينا
تتثنّى في القَيْد والإطلاق
أقبل الصبحُ والشهودُ نُهودٌ
مسفراتٌ، أَمَا لها من واق؟
ظلّتِ الغيدُ والقواريرُ صرعى
والأباريقُ بِتْنَ في إطراق
اِئتِني بالصبوح يا بهجةَ الرُّوْح
تُرحْني إنْ كان في الكأس باق
يا بنةَ «القاشِ» إن سرى الطيفُ وَهْناً
واعتلى هائماً، فكيف لحاقي؟
والمنى بين خَصرها ويديها
والسنى في ابتسامها البرّاق
«كَسَلا» أشرقتْ بها كأسُ وَجْدي
فَهْيَ في الحقّ جنّةُ الإشراق

معزوفة لدرويش متجـول للشاعر محمد الفيتوري

________________________________________
[شحبت روحي, صارت شفقا
شعت غيما و سنا
كالدرويش المتعلق في قدمي مولاه أنا
أتمرغ في شجني
أتوهج في بدني
غيري أعمى , مهما أصغى , لن يبصرني
فأنا جسد ...... حجر
شيء عبر الشارع
جزر غرقى في قاع البحر....
حريق في الزمن الضائع
قنديل زيتي مبهوت
في اقصى بيت , في بيروت
أتالق حينا. ثم أرنق ثم أموت

***

و يحي...و أنا أتلعثم نحوك يا مولاي
أجسد أحزاني ....
أتجرد فيك
هل انت أنا؟
يدك الممدودة أم يدي المدودة؟
صوتك أم صوتي؟
تبكيني أم ابكيك؟

***

في حضرة من أهوى
عبثت بي الأشواق
حدقت بلا وجه
و رقصت بلا ساق
زحمت براياتي و طبولي في الآفاق
عشقي يفنى عشقي
و فنائي استغراق
مملوكك.... لكنـي
سلطان العشاق