رائية محمد سعيد العباسي شاعر السودان
أقصرتُ مذ عاد الزمانُ فأقْصَرا || وغفرتُ لَما جاءني مُستغفِرا
ما كنتُ أرضى يا زمانُ لَوَ ٱنني || لَم ألقَ منكَ الضاحكَ المستبشرا
يا مرحباً قد حقّق اللهُ المنى || فعلَيَّ إذ بُلِّغْـتُها أن أشكُرا
يا حبّذا وادٍ نزلتُ، وحبذا || إبداعُ مَن ذَرَأ الوُجودَ ومَن بَرَا
مِصْرٌ، وما مصرٌ سوى الشمسِ || التي بَهَرَتْ بثاقب نورِها كلَّ الورى
ولقد سعيتُ لَها فكنتُ كأنّما || أسعى لطيبةَ أو إلى أُمِّ القُرى
وبقيتُ مأخوذاً وقيّدَ ناظري || هذا الجمالُ تَلفُّتاً وتَحيُّرا
فارقتُها والشَّعرُ في لون الدجى || واليومَ عُدتُ به صَباحاً مُسْفِرا
سبعون قَصّرتِ الخُطا فتركنَني || أمشي الهُوينَى ظالعاً مُتَعثِّرا
مِن بعد أنْ كنتُ الذي يطأ الثرى || زَهواً، ويستهوي الحسانَ تَبختُرا
فلقيتُ من أهلي جحاجحَ أكرموا || نُزُلي وأولوني الجميلَ مُكرَّرا
وصحابةً بَكَروا إليَّ وكلُّهم || خَطَب العُلا بالمكرمات مُبَكِّرا
يا من وجدتُ بحيّهم ما أشتهي || هل من شبابٍ لي يُباع فيُشترى؟
ولَوَ ٱنّهم ملكوا لَما بخلوا بهِ || ولأرجعوني والزمانَ القهقرَى
لأظلَّ أرفل في نعيمٍ فاتَنِي || زمنَ الشبابِ وفُـتُّـهُ مُتحسِّرا
ووقفتُ فيها يومَ ذاك بِمعهدٍ || كم من يدٍ عندي له لن تُكْفَرا
دارٌ درجتُ على ثراها يافعاً || ولبستُ من بُرْد الشبابِ الأنضرا
يا دارُ أين بنوكِ إخواني الأُلى || رفعوا لواءكِ دَارِعِينَ وحُسَّرا ؟
زانوا الكتائبَ فاتحين وبعضُهم || بالسيف ما قَنِعوا فزانوا المنبَرا
سبحان من لو شاء أعطاني كما || أعطاهمُ وأحلّني هذي الذُّرَى
لأُرِيهِمُ وأُرِي الزمانَ اليومَ ما || شأني فكلُّ الصَّيْدِ في جوف الفَرا
إني لأذكرهم فيُضنيني الأسى || ومِنَ الحبيب إلَيَّ أنْ أتذكّرا
لم أنسَ أيامي بِهم وقَدِ انقضتْ || وكأنّها واللهِ أحلامُ الكَرَى
كذب الذي ظنّ الظنونَ فزفّها || للناس عن مصرٍ حديثاً يُفترى
والناسُ فيكِ اثنان شخصٌ قد رأى || حُسْناً فهامَ به، وآخرُ لا يَرَى
والسرُّ عند اللهِ جلّ جلالهُ || سَوّى به الأعمى وسَوّى الْمُبصِرا
يا من رعيتُ ودادَه وعددتُهُ || دِرعاً - إذا جار الزمانُ - ومِغْفَرا
اسْمَعْ نصيحةَ صادقٍ ما غيّرتْ || منه الخطوبُ هوىً ولن يتغيّرا
لَم آتِ أجهلُ فضلَ رأيكَ والحِجى || لكنْ أتيتُكَ مُشفِقاً ومُذَكِّرا
والنصحُ من شِيَمِ الصديقِ فإن وَنَى || عَدُّوه في شَرع الوِدادِ مُقَصِّرا
عُمري كتابٌ والزمانُ كقارئٍ || أبلى الصحائفَ منه إلا أسْطُرا
فعلمتُ منه فوق ما أنا عالِمٌ || ورأيتُ من أحداثه ما لا يُرى
قل لي: فديتُكَ ما الذي ترجوه من || تاجٍ وقد أُلْبِسْتَ تاجاً أزهرا
وورثتَ فيما قد ورثتَ شَمائلاً || كانت أرقَّ من النسيم إذا سرَى
أمّا السماحُ فلا يساجلكَ امرؤٌ || فيه ملكتَ جماعةً مُستأثِرا
فَارْبَأ بنفسكَ أن تكون مطيّةً || للخادعين وللسياسة مَعْبَرا
وحَذارِِ من رُسل القطيعةِ إنّهم || رَهطٌ قد انتظموا ببابكَ عسكرا
ما سَاقهم حُبٌّ إليكَ وإنّما || حُشِروا وجِيء بِهم لأمر دُبِّرا
ولَأنْ تبيتَ على الطوى وتظلّهُ || وتضمّ شَملَ المسلمين وتُنْصَرا
خَيْرٌ..، ففي التاريخ إن قلّبتَهُ || عِظةٌ لذي نَظرٍ وَعَى وتَدبّرا
انظرْ إلى الملك الحُسَيْنِ وإنه || مِن عِترةٍ هي خيْرُ من وطِئَ الثرى
مَنحوه تاجاً ثُم لَم يَرْضَوْا به || ذهباً فصاغوه لديه جوهَرا
عَجَمُوه فاستعصى فلمّا استيأسوا || نزعوه عن فَوْدَيْه نَزْعاً مُنكَرا
وَيحٌ لِهذا الشرقِ نام بنوه عن || طلَبِِ العلا وتأخّروا فتأخّرا
ظنّوا السعادةَ -وَهْيَ أسْمَى غايةٍ- || قَصْراً يُشادُ وبزّةً أو مَظْهرا
قادتهمُ الأطماعُ حتى أشْبَهوا كبشَ || الفِدا والجزلَ من نار القِرَى
والجمرُ إن أخفى الرمادُ أُوارَهُ || شَقِيتْ به كفُّ الصبِيِّ وما دَرَى
واللـهَ أحْمَدُ حين أبرزَ للورى || من غيبه ما كان سِرّاً مُضمَرا
أقصرتُ مذ عاد الزمانُ فأقْصَرا || وغفرتُ لَما جاءني مُستغفِرا
ما كنتُ أرضى يا زمانُ لَوَ ٱنني || لَم ألقَ منكَ الضاحكَ المستبشرا
يا مرحباً قد حقّق اللهُ المنى || فعلَيَّ إذ بُلِّغْـتُها أن أشكُرا
يا حبّذا وادٍ نزلتُ، وحبذا || إبداعُ مَن ذَرَأ الوُجودَ ومَن بَرَا
مِصْرٌ، وما مصرٌ سوى الشمسِ || التي بَهَرَتْ بثاقب نورِها كلَّ الورى
ولقد سعيتُ لَها فكنتُ كأنّما || أسعى لطيبةَ أو إلى أُمِّ القُرى
وبقيتُ مأخوذاً وقيّدَ ناظري || هذا الجمالُ تَلفُّتاً وتَحيُّرا
فارقتُها والشَّعرُ في لون الدجى || واليومَ عُدتُ به صَباحاً مُسْفِرا
سبعون قَصّرتِ الخُطا فتركنَني || أمشي الهُوينَى ظالعاً مُتَعثِّرا
مِن بعد أنْ كنتُ الذي يطأ الثرى || زَهواً، ويستهوي الحسانَ تَبختُرا
فلقيتُ من أهلي جحاجحَ أكرموا || نُزُلي وأولوني الجميلَ مُكرَّرا
وصحابةً بَكَروا إليَّ وكلُّهم || خَطَب العُلا بالمكرمات مُبَكِّرا
يا من وجدتُ بحيّهم ما أشتهي || هل من شبابٍ لي يُباع فيُشترى؟
ولَوَ ٱنّهم ملكوا لَما بخلوا بهِ || ولأرجعوني والزمانَ القهقرَى
لأظلَّ أرفل في نعيمٍ فاتَنِي || زمنَ الشبابِ وفُـتُّـهُ مُتحسِّرا
ووقفتُ فيها يومَ ذاك بِمعهدٍ || كم من يدٍ عندي له لن تُكْفَرا
دارٌ درجتُ على ثراها يافعاً || ولبستُ من بُرْد الشبابِ الأنضرا
يا دارُ أين بنوكِ إخواني الأُلى || رفعوا لواءكِ دَارِعِينَ وحُسَّرا ؟
زانوا الكتائبَ فاتحين وبعضُهم || بالسيف ما قَنِعوا فزانوا المنبَرا
سبحان من لو شاء أعطاني كما || أعطاهمُ وأحلّني هذي الذُّرَى
لأُرِيهِمُ وأُرِي الزمانَ اليومَ ما || شأني فكلُّ الصَّيْدِ في جوف الفَرا
إني لأذكرهم فيُضنيني الأسى || ومِنَ الحبيب إلَيَّ أنْ أتذكّرا
لم أنسَ أيامي بِهم وقَدِ انقضتْ || وكأنّها واللهِ أحلامُ الكَرَى
كذب الذي ظنّ الظنونَ فزفّها || للناس عن مصرٍ حديثاً يُفترى
والناسُ فيكِ اثنان شخصٌ قد رأى || حُسْناً فهامَ به، وآخرُ لا يَرَى
والسرُّ عند اللهِ جلّ جلالهُ || سَوّى به الأعمى وسَوّى الْمُبصِرا
يا من رعيتُ ودادَه وعددتُهُ || دِرعاً - إذا جار الزمانُ - ومِغْفَرا
اسْمَعْ نصيحةَ صادقٍ ما غيّرتْ || منه الخطوبُ هوىً ولن يتغيّرا
لَم آتِ أجهلُ فضلَ رأيكَ والحِجى || لكنْ أتيتُكَ مُشفِقاً ومُذَكِّرا
والنصحُ من شِيَمِ الصديقِ فإن وَنَى || عَدُّوه في شَرع الوِدادِ مُقَصِّرا
عُمري كتابٌ والزمانُ كقارئٍ || أبلى الصحائفَ منه إلا أسْطُرا
فعلمتُ منه فوق ما أنا عالِمٌ || ورأيتُ من أحداثه ما لا يُرى
قل لي: فديتُكَ ما الذي ترجوه من || تاجٍ وقد أُلْبِسْتَ تاجاً أزهرا
وورثتَ فيما قد ورثتَ شَمائلاً || كانت أرقَّ من النسيم إذا سرَى
أمّا السماحُ فلا يساجلكَ امرؤٌ || فيه ملكتَ جماعةً مُستأثِرا
فَارْبَأ بنفسكَ أن تكون مطيّةً || للخادعين وللسياسة مَعْبَرا
وحَذارِِ من رُسل القطيعةِ إنّهم || رَهطٌ قد انتظموا ببابكَ عسكرا
ما سَاقهم حُبٌّ إليكَ وإنّما || حُشِروا وجِيء بِهم لأمر دُبِّرا
ولَأنْ تبيتَ على الطوى وتظلّهُ || وتضمّ شَملَ المسلمين وتُنْصَرا
خَيْرٌ..، ففي التاريخ إن قلّبتَهُ || عِظةٌ لذي نَظرٍ وَعَى وتَدبّرا
انظرْ إلى الملك الحُسَيْنِ وإنه || مِن عِترةٍ هي خيْرُ من وطِئَ الثرى
مَنحوه تاجاً ثُم لَم يَرْضَوْا به || ذهباً فصاغوه لديه جوهَرا
عَجَمُوه فاستعصى فلمّا استيأسوا || نزعوه عن فَوْدَيْه نَزْعاً مُنكَرا
وَيحٌ لِهذا الشرقِ نام بنوه عن || طلَبِِ العلا وتأخّروا فتأخّرا
ظنّوا السعادةَ -وَهْيَ أسْمَى غايةٍ- || قَصْراً يُشادُ وبزّةً أو مَظْهرا
قادتهمُ الأطماعُ حتى أشْبَهوا كبشَ || الفِدا والجزلَ من نار القِرَى
والجمرُ إن أخفى الرمادُ أُوارَهُ || شَقِيتْ به كفُّ الصبِيِّ وما دَرَى
واللـهَ أحْمَدُ حين أبرزَ للورى || من غيبه ما كان سِرّاً مُضمَرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق